روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | بر ابنك في صغره...يبرك في كبرك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > بر ابنك في صغره...يبرك في كبرك


  بر ابنك في صغره...يبرك في كبرك
     عدد مرات المشاهدة: 3350        عدد مرات الإرسال: 0

كثيرًا ما نسمع عن عقوق الأبناء للآباء وقليلًا ما نسمع عن عقوق الآباء لأبنائهم، وذلك لإنشغالنا بالواجبات ونسياننا للحقوق، فالكتب والمواقع الدينية وغيرها مليئة بالزجر عن عقوق الوالدين، وهو حقًا من الكبائر، وقد دعانا ديننا الحنيف إلى بر الوالدين، بل قرنه الله تعالى بتوحيده، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء:36].

ولكن ماذا عن عقوق الأبناء؟.

وكيف يتصرف الأبناء حينما يجدون أنفسهم تحت رحمة آباء وأمهات لا يخشون الله فيما يفعلون؟.

فليس من البر أن نقسو على أولادنا معتقدين خطئًا أن الشدة والعنف هما السبيل للتربية الصحيحة، وهي التي تمنعهم من الخطأ عبر الخوف.

ورسول الله وهو خير من أشرقت عليه الشمس، في هديه نجد بر الأب والجد، فذات مرة عندما كان صلى الله عليه وسلّم يصلي بالناس ركب الحسين عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته سألوه عن ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجّله».

وعندما كان صلى الله عليه وسلّم يقبل الحسن والحسين ويحضنهما ورآه أحدهم فقال: لي عشرة أبناء لم أقبل أحدهم قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما لي ولك إذا كان الله قد نزع من قلبك الرحمة».

ولعل أكبر دليل على فرضية بر الآباء لأولادهم هو موقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جاءه رجل يشكو عقوق ابنه فأمر عمر رضي الله عنه بالابن، فحضر الابن وسأله عمر عن ذلك، فقال الابن: يا أمير المؤمنين قل لي قبل ذلك ما حق الابن على والده؟: قال له عمر: أن يختار له الأم الصالحة، وأن يحسن تسميته، وأن يحسن تأديبه أو تعليمه، فأجاب الابن: ولكن أبي ما فعل شيء من ذلك!!. فقد إختار له جاريه سوداء لا تعرف من الإسلام شيئا، ولقد سماني جعلًا -خنفساء- وما علمني شيء لا في أمور ديني ولا دنياي.. فبكى الفاروق رضي الله عنه وقال: لقد عققت ابنك صغيرا فعقك كبيراً.

ومن أكثر صور عقوق الآباء لأبنائهم:

ـ التشدد الديني:

بعض الآباء يعتمدون أسلوب التشديد على أبنائهم في بعض مظاهر الدين معتقدين أن هذا أمر حسن ويؤدي إلى صلاح الأبناء، وهم في الحقيقة يخطئون في حق أبنائهم، عندما يتهمونهم لوقوعهم في بعض السلوكيات بأنهم فسقة ومنحلون، وأنهم يريدون العبث واللهو، وعندما يغرقونهم بكلمة حرام رغم أن الشيء قد لا يكون حرامًا، فهذا التضييق والتشدد يجعل الأبناء في حالة تشتت، لأن التشدد من الآباء يلقي بظلاله عليهم.

ـ الإستبداد:

ومن صور العقوق أيضا إظهار الآباء أنهم يملكون الحق الأوحد، وأن الأبناء دائما على خطأ، فيشعر الأبناء أن آباءهم وأمهاتهم لا يملكون القدرة على خطابهم، وأنهم يسيئون إليهم دائما، وهو ما يحدث فجوة كبيرة بين الآباء والأمهات وبين أبنائهم، وبخاصة إذا كان هذا الإستبداد فيما يتعلق بالأولاد.

ومن أخطر صور هذا الإستبداد قرار تزويج الفتاة، ففرض الرأي عليها حتى تقبل بالزواج من شخص ما من أشد العقوق، وقد جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أن والدها أراد أن يزوجها قريبا لها ليرفع به خسيسته، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم الزواج، فلما رأت الفتاة أن الأمر لها، قالت: يا رسول الله، قد أجزت ما أجاز أبي، غير أني أحببت أن أعلم من ورائي من النساء أن ليس للآباء في هذا الأمر شيء.

ومن مظاهر العقوق أن يدخل الوالد ولده -أو بنته- كلية لا يرغب فيها، ويجبره على دراسة تخصص لا يميل إليه، أو أن يفرض عليه عملا معينا لا يحبه، أو مهنة لا يهواها، كل ذلك أنواع من الإستبداد المرفوض، والذي يجب أن ينتهي الآباء عنه فورا.

ـ الاسقاطات النفسية للآباء:

كثير من الظلم والإساءة يقع أيضًاعلى الأبناء لأسباب وحالات نفسية وإجتماعية لا ذنب لهم فيها، كأن تشبه البنت جدتها لأمها التي لا يحبها الأب أو تشبه عمتها التي تكرهها الأم، أو يشبه الولد أخواله الذين يحقد عليهم الأب، أو في حالة الإنفصال بين الأم والأب تكون البنت شبية بالأم أو الابن شبيه بالأب.

فكم من أب ظلم أبناءه أو قصر في إحتياجاتهم أو مارس عليهم أسلوب القمع والدكتاتورية في التربية دون أن يحاسب نفسه على ما فعل أو يتقي الله فيهم؟ وكم من أم أضاعت مستقبل أبنائها بتهورها واستهتارها؟

وما أكثر ما يشكو الآباء من عقوق الأبناء.. ولكن من يرفع شكوى الأبناء من عقوق الآباء؟

كيف تبر ابنك؟

وبعد أن أوضحنا الصور المختلفة لعقوق الآباء لأبنائهم، علينا أن نوضح كيف يحقق الآباء بر الأبناء المفترض عليهم، وفي هذا الصدد يقول مجدي ناصر خبير الإستشارات التربوية والأسرية، أنه لكي نحصد بر الأبناء في الكبر علينا أن نعتني ببعض الجوانب مثل:

= الحنان والعطف: فيجب أن يهتم الآباء بإكساب الأبناء الكثير من العطف والحنان لما لذلك من دور هام في بناء شخصياتهم.

= زرع وبناء الثقة داخل الأبناء: فعلى الآباء دور هام في غرس الثقة وبنائها للأبناء لأنها المكون الرئيسي للشخصية السوية.

= التربية بالقدوة: فهذا أمر هام جدا للأبناء فأول ما يقع نظر الأبناء على الآباء وتصرفاتهم وأسلوبهم في التعامل في البيت ومع الآخرين فلا نكذب أمامهم أو عليهم ولا نقوم بتصرف سيء لأنه سيثبت في عقولهم وكيانهم.

= الثواب والعقاب: فيجب إستخدام مبدأ الثواب والعقاب حتي يعرف الابن أن أي تصرف له ردود أفعال من الأهل وبالتالي من المجتمع ولذا فيجب أن يفعل دائما ما هو صواب حتى يعود عليه بالخير.

= حسن التحاور وإيجابيته مع البناء: فيجب دائما تعليم الأبناء حسن التحاور والمناقشة ويجب أن نفسح لهم لكي يعرضوا آراءهم بكل حرية ومن المفيد لنا ألا نوجه أوامرنا كلها بلفظ سلبي كلا تفعل، لا تلعب، لا تأكل، لا تتكلم، فإن ذلك يولد عند الطفل رد فعل قوي ويدفعه إلى العناد دفعًا، وقد تفيدنا عبارات إيجابية مثل، من الخير لك..، من الأفضل لك..، لعل ذلك يناسبك أكثر..، سيكون ذلك جميلاً..، فإن ذلك يشعر الطفل بالرضا والراحة النفسية.

= يجب ألا يكون بين الآباء والأمهات أي تناقض في الآراء: فلا يقول الأب رأي وتعارضه الأم برأي آخر حتى لا تحدث بلبلة عند الأبناء، وعلينا أيضا أن نحرص على وحدة التوجيه بين المدرسة والأسرة والمجتمع كله ممثلاً بالمؤسسات التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على تربية الأطفال وتأديبهم وسوف يكون الطفل هو الخاسر الوحيد إذا لم تدعم الأسرة كل توجيهات المدرسة، لأن الفرد مفطور على قبول العلم ممن يثق بهم، وهذا ما يفسر لنا إرتياح أحدنا إلى قراءة صحيفة دون أخرى وسماع إذاعة دون أخرى وإقتناء كتاب أو موسوعة وثق بمؤلفهما.

الكاتب: بدرية طه.

المصدر: موقع رسالة المرأة.